القائمة

تشاد بعد أربع سنوات من الرحيل المرّ: هكذا استُكملت مؤسسات الحكم في رحلة الانتقال الديمقراطي

جرمة ميديا شهرين مضت 0 33

انجمينا -بخيت تبير

أربعة أعوام مرّت على وفاة المارشال إدريس ديبي إتنو، في حدث هزّ البلاد وأربك المشهد السياسي، لكنها أيضًا كانت بداية مسار جديد نحو إعادة بناء الدولة التشادية على أسس ديمقراطية ودستورية.

منذ ذلك اليوم في 20 أبريل 2021، وحتى تنصيب أول مجلس شيوخ في 7 مارس 2025، قطعت البلاد رحلة شاقة مليئة بالتحديات السياسية والأمنية، ولكنها انتهت بتأسيس مؤسسات الحكم المدني بشكل كامل، وسط آمال عريضة بأن تكون هذه نهاية الفصول الانتقالية في تاريخ تشاد الحديث.

انطلاقة من قلب الصدمة

في أعقاب الإعلان الرسمي عن مقتل الرئيس ديبي أثناء قيادته للمعارك ضد الحركات المتمردة، واجهت تشاد خطر الانهيار. إلا أن الجيش التشادي سارع إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة نجله، الجنرال محمد إدريس ديبي، لاحتواء الفراغ الدستوري وضمان استمرار مؤسسات الدولة.

أعلن المجلس حل الحكومة والبرلمان، وأطلق خطة انتقالية شاملة تتضمن تنظيم حوار وطني، صياغة دستور جديد، ثم إجراء انتخابات.

اتفاق الدوحة… نحو مصالحة وطنية

إحدى أبرز المحطات في مسار الانتقال كانت التوقيع على اتفاقية الدوحة للسلام في أغسطس 2022، برعاية قطر، بين المجلس العسكري وعدد من الحركات المسلحة. مهد الاتفاق الطريق لحوار وطني شامل داخلي جمع كل الأطياف السياسية والعسكرية والاجتماعية، بهدف التوافق على مستقبل البلاد.

الحوار الوطني وتشكيل خارطة الطريق

انطلق الحوار الوطني في انجمينا في أغسطس 2022 بمشاركة واسعة، وأثمر عن توافقات تاريخية، أبرزها:

  • صياغة دستور جديد يُطرح للاستفتاء.
  • تمديد المرحلة الانتقالية لعامين إضافيين.
  • السماح لرئيس المجلس العسكري بخوض الانتخابات الرئاسية.
  • إطلاق سراح أسرى الحرب، وتشكيل وزارة للمصالحة الوطنية.

ورغم اعتراضات بعض قوى المعارضة، فإن الحكومة رأت أن المرحلة تتطلب مرونة سياسية للحفاظ على الاستقرار.

انتخابات رئاسية وتشريعية… وتأكيد الشرعية

في مايو 2024، شهدت البلاد انتخابات رئاسية تنافسية فاز بها محمد إدريس ديبي بنسبة 61.3%، في حين حصل خصمه الدكتور سيكسى ماسرا على 18.5%.

وفي ديسمبر من نفس العام، أجريت الانتخابات التشريعية التي حصد فيها الحزب الحاكم “حركة الإنقاذ الوطني” أغلبية مريحة بلغت 124 مقعدًا من أصل 188، في ظل مقاطعة من أحزاب كبرى.

مجلس الشيوخ… استكمال البناء الدستوري

بتنصيب مجلس الشيوخ في مارس 2025، تُوّج المسار الانتقالي ببناء برلمان بغرفتين كما نص عليه الدستور الجديد، الذي أُقرّ عبر استفتاء شعبي بنسبة 86%.

يتكوّن مجلس الشيوخ من 69 عضوًا، منهم 46 منتخبين و23 معينين من قبل رئيس الجمهورية. وأسفرت أول انتخابات عن فوز الحزب الحاكم بـ45 مقعدًا من أصل 46، وانتُخب السياسي المخضرم هارون كابادي رئيسًا للمجلس.

خاتمة: وطن تجاوز العاصفة

تشاد اليوم تقف على عتبة جديدة، بعد أن تجاوزت مرحلة من أخطر مراحلها السياسية في العقود الأخيرة. وبرغم التحديات، تمكّن التشاديون من بناء مؤسساتهم من جديد، عبر حوار ومصالحة وانتخابات. فهل تكون هذه التجربة بداية عهد من الاستقرار والتنمية؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.

كتب بواسطة

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *